الأربعاء، ٢٧ فبراير ٢٠٠٨

جعفر رجب / تحت الحزام / كم كنت غبيا !




قرأت في الصحف ان «الدعاة» دخلوا عالم المال، فعمرو خالد يملك ثلاثة من الملايين وآخر يملك مليونا من الدولارات، هذا بخلاف الهبات... وغيرهم الكثير زادهم الله من خيره!اللهم لا حسد، ولا أريد أن أحسدهم، فقد سمعت عمرو خالد يقول «الحسد مش كويس عشانكم وحتخشوا النار»... ولكني سأحسد سذاجتي وغبائي! فلم أتصور يوما ان قول كلمتين مثل «يا جماعة خلوكوا كويسين» و «حبوا بعضكم زي المسلمين زمان»، مع ابتسامة ساحرة...سيجعل المرء مليونيرا!وما كنت اعرف ان اجترار القصص التاريخية، مع شوية دموع اصطناعية، وان «صناع المستقبل» سيؤدي إلى صناعة مستقبل الدعاة عالم المال والأعمال...!كنت أتصور ان الدعاة قوم مساكين طيبون، الواحد منهم يطيل طريقه للمسجد حتى يزيد من حسناته بعدد خطواته، وما كنت اعرف ان دعاتنا تحسب حسناتهم بعدد «الكيلومترات» في سيارتهم الليموزين، وبعدد ساعات الطيران في الدرجة الأولى!كنت أتصور ان الدعاة وهم ينصحون «ياجماعة زكوا» و «يا جماعة فكروا في فقراء الأمة» بأنهم يطعمون الطعام على حبه، المساكين واليتامى، وينامون دون عشاء، احساسا بفقراء الأمة، وإذا بهم يتعشون في مطاعم برج العرب...كنت أتصور أنهم يعيشون «فوق السطوح» ويبحثون عن لقمة عيشهم،لأنهم يتبرعون بأموالهم للفقراء، وتبين انهم لا يباتون إلا في الفنادق الخمس نجوم، وإذا تواضعوا فيصيفون في الشاليه، أو في يخت ملكي!كنت أتصور انه انسان غير عن كل الناس لا تهمه ملذات الدنيا، و «أهم حاجة رضا الوالدين، عشان نعيش مرتاحين كده ونخش الجنة» ولكن يبدو انهم مستعجلون، أكثر منا نحن العصاة، على جنة وملذات الدنيا قبل الآخرة!كنت أتصور وبكل سذاجة، ان الداعية الفضائي، يقضي نهاره صائما، وليله قائما، ولا يجد وقتا للذهاب إلى البنك!كنت أتصور وبكل غباء ان الداعية يدعو إلى عمل بلا حساب، فغدا حساب بلا عمل، وتبين ان الدعاة إلى الله ليس لديهم حساب بل حسابات في البنوك... بنوك لا ربوية طبعا! كنت أتصور ان الدعاة يورثون علما وأدبا، ولا يورثون درهما ولا دينارا، وتبين أنهم يورثون دولارا!كنت أتصور ان الدعوة للدين والمال لا يجتمعان في مجلس واحد، ولا تتنجس أيدي الدعاة بنجاسات الدنيا... ما أشد غبائي، وهل افترق المال والدعاة من قبل! جعفر رجبjjaaffar@hotmail.com