الخميس، ٢٩ أبريل ٢٠١٠

قراءة جديدة لكتاب روح شاغرة / الشاعر مهاب نصر /جريدة القبس / 29 أبريل


إلى الزمن المكتوب على صوت عبد الحليم ..
«روح شاغرة تكفي لفراشة».. قصائد الزمن الجميل



مهاب نصر
أي روح تلك التي يكفي لملء فراغها جناح فراشة؟ إنها تلك الآتية من أزمنة صفاء العشق، ومن نبل محبة مثالية لا تنتهك موضوعها، بل تطوف حوله كالمتصوف. هذه هي الروح العامة للمجموعة الشعرية التي أصدرها أخيرا الشاعر أحمد المنشاوي عن دار «الدار» بعنوان «روح شاغرة تكفي لفراشة». المجموعة التي تتصدرها عبارة قصيرة مخصصة للإهداء «إلى زمني المكتوب على صوت عبد الحليم» تنبئنا بحس الاغتراب عن خشونة الحاضر، كما تنبئنا بانتماء صوت الشاعر إلى عام آخر من الحنين العذب.
لغة مخملية
رغم نثريتها ترتكز المجموعة بحرص على مفردات مخملية كأنها تلامس اللغة على مسافة لا تخدشها، وتتحرك في معجم ينتمي إلى الطبيعة كرمز ومرآة «دموع نجمة، روح الليل،غيمة الروح، خيالات القمر، تفتح الصباحات، سماء تلوذ إلى صمتها، تخبئ روح الصباح، مدن الياسمين..»
تضم المجموعة 20 قصيدة منها قصائد بالعامية مثل «كان الولد» و»ليه يا بنسفج» يتصاعد إيقاعها باتجاه الأنثى التي تأتي مثل «غيمة الروح في قمة أناقتها تنتظر أن تفشي سرها يفاجئها الحنين تنهار بين يدي فراشة تفرش ضفيرتها تصفي حزنها قطرة قطرة»
الأنثى التي هي «البنت» في براءتها أو تلك التي «تتقمص روحا غجرية تذهب إلى أبعد نقطة في الريح هي محور للقصيدة. حتى حين تكون سيدة فإنها تحضر لتكسر السكون بشيطنة الأطفال، بتمردهم البريء، «يشخبطون على جدران الوجد أسئلة الياسمين يرسمون أحلامهم فوق نهارات تختبئ في روح الصباح».
طفل الذاكرة
في مقابل «البنت» هناك الشاعر؛ ذلك الولد النهم إلى التجربة والمغامرة، لكن أيضا الحلم بالدفء، إنه الولد القديم القابع في الذاكرة، والمحرض على الحنين. في قصيدة «كل المتاهات تؤدي إلى جرحي» يضع الشاعر نفسه قائدا «لعموم الفوضى» يحترف المراوغة لكنه «يخاف من مشاعر لا تسقط بالتقادم»، الشاعر المقيد بالغربة أو «بجواز سفره.. في منطقة حدودية» مسكون بالجرح الذي تؤدي كل الطرق إليه، كما هو مسكون باحتمالات الذكرى.
هذا العالم المتوحد يأوي إليه الشاعر وكلماته المتعبة في دفتره القديم، بعد كل لقاء بالمرأة محملا بضلال الطفولة وقيثارتها أيضا.
رغم الطابع المجرد والرمزي الحافل بالصور للمجموعة، لكننا نعثر أحيانا على تفاصيل المكان الواقعي: القرية خصوصا وذلك في قصيدة «ذهبوا في ظروف واضحة» إنها أيضا قصيدة الذكرى، لكن ذكرى الأصدقاء الذين غادروا، وخلت منهم لحظة الحاضر، ومازالوا عالقين هناك، في مشاهد الطفولة والشباب الأولى، يذكرهم الشاعر بأسمائهم، في تحية لمرآة ماضيه نفسه.
مسافة الاشتهاء
ما الموديل بالنسبة إلى الرسام تظل المرأة على مسافة من الشاعر هي مسافة الاشتهاء، مسافة الاكتمال في الخيال المحض، الذي ما إن يتحقق، حتى تعود الحياة إلى سيرتها الرمادية كما يبدو في قصيدة «الرسام والموديل» التي ترمز إلى العلاقة المركبة بالأنثى والملتبسة بالعلاقة بالعمل الفني.
نصف حالم وأكثر من مجنون، يمضي الشاعر منشدا لتلك «الوديعة التي تمضي فينا» إنها أكاذيبنا التي تتجمل لنا وتصحبنا في رحلة الحياة والإلهام، الأكاذيب التي حين نخسرها تنكسر معها الأحلام ولا يبقى إلا الجنون.

مقاطع من حنين قديم
«أريت على ضيك كلام جميل زيك كفاية نورك عليا»
من مدخل جسر الأنين يتسرب الصبح خلف لمحة الخجل، يصافح وجه البركة، يخلع النعاس عن أطراف البيوت القصيرة.
قطع/ من الدرابة إلى دكان النهار تقطع هي الوصل برفقة الشمس.
{يا حبيبي عشت أجمل عمري ف عنيك الجميلة عشت أجمل عمر}
وابور بيت كريم عند أهازيجه البديعة، يقدم في صميم قلبه سبيله الارتوازي، يمرر خصاله الحزينة في شرايين الغيطان المترعة بالأغاني.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

مزيد من التألق ومزيد من النقض البراق الذى يليق بشاعر له أنامل ذهبية وله مشاعر اسمح لى بوصفها انها مشاعر نادرة الوجود وله حس مرهف وأحلام رائعة فانت نادر فى سماء الشعراء بالتوفيق



ايمن عمارة