الأربعاء، ٥ مايو ٢٠١٠

رسائل لم تكتب لها / نزار قباني

مزقيها
كتبي الفارغة الجوفاء ان تست
لميها
و العنيني..و العنيها
كاذبا كنت ..و حبي لك دعوى ادعيها
انني اكتب للهو…فلا تعتقدي ما جاء فيها
فأنا كاتبها ا
لمهووس لا أذكره
ما جاء فيها
اقذفيها
اقذفي تلك الرسالات…بسل ا
لمهملات
و احذري
أن تقعي في الشرك ا
لمخبوء بين الكلمات
فأنا نفسي لا أدرك معنى ك
لماتي
فكري تغلي
و لابد لطوفان ظنوني من قناة
أرسم الحروف
كما يمشي مريض في سبات
فاذا اسودت في الليل تلال الصفحات
فلأن الحرف,هذا الحرف جزء من حياتي
و لأني رحلة سوداء في موج الدواة
أتلفيها
و أدفني كل رسالاتي بأحشاء الوقود
و احذري أن تخطئي
أن تقرأي يوما بريدي
فأنا نفسي لا أذكر ما يحوي بريدي
وكتاباتي
و أفكاري
و زعمي
و وعودي
لم تكن شيئا, فحبي لك جزء من شرودي
فأنا أكتب كالسكران
لا أدري اتجاهي و حدودي
فحياتي ك
لها
شوق الى حرف جديد
و وجود الحرف من أبسط حاجات وجودي
هل عرفت الأن معنى بريدي؟

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

رائع ما يكتبه نزار اقراء معى قصيدة
رساله الى رجلا ما
يا سيّدي العزيزْ..
هذا خِطابُ امرأةٍ حمقاءْ ..
هلْ كتبَتْ إليكَ قبلي امرأةٌ حمقاءْ ؟
أسمي أنا ؟
دَعْنا من رانيةٌ،
رانيةٌ ، أم زينبٌ ، أم هندُ ، أم هيفاءْ
أسخفُ ما نحملُهُ ، يا سيّدي ، الأسماءْ

يا سيّدي !
أخافُ أن أقولَ ما لديَّ من أشياءْ
أخافُ ـ لو فعلتُ ـ أن تحترقَ السّماءْ
فشرقُكم يا سيّدي العزيزْ
يصادرُ الرسائلَ الزرقاءْ
يصادرُ الأحلامَ من خزائنِ النساءْ
يمارسُ الحَجْرَ على عواطفِ النساءْ
يستعملُ السّكينَ .. والسّاطورَ ..
كي يخاطبَ النساءْ..
ويذبحُ الربيعَ ، والأشواقَ ، والضفائرَ السوداءْ
وشرقُكم يا سيّدي العزيزْ
يصنعُ تاجَ الشرفِ الرفيعِ .. من جماجمِ النساءْ ..

لا تنتَقِدْني سيّدي..
إنْ كانَ خَطّي سيّئاً ..
فإنّني أكتبُ .. والسيّافُ خلفَ بابي
وخارجَ الحُجرةِ صوتُ الريحِ والكلابِ
يا سيّدي !
عنترةُ العبسيُّ خلفَ بابي
يذبحُني .. إذا رأى خِطابي
يقطعُ رأسي ..
لو رأى الشفّافَ من ثيابي..
يقطعُ رأسي .. لو أنا
عبَّرْتُ عن عذابي ..
فشرقُكمْ يا سيّدي العزيزْ
يحاصرُ المرأةَ بالحرابِ ..
وشرقُكم ، يا سيّدي العزيزْ
يبايعُ الرجالَ أنبياءً
ويطمرُ النساءَ في التُّرابِ ..

لا تنزعجْ !
يا سيّدي العزيزَ .. من سُطوري
لا تنزعجْ !
إذا كسرتُ القُمْقُمَ المسدودَ من عصورِ
إذا نزعتُ خاتمَ الرصاصِ عن ضميري
إذا أنا هربتُ من أقبيةِ الحريمِ في القصورِ .
إذا تمرَّدْتُ على موتي . على قبري . على جذوري
والمسلخِ الكبيرِ ..
لا تنزعجْ يا سيّدي
إذا أنا كشفتُ عن شعوري
فالرجلُ الشرقيُّ .. لا يهتمُّ بالشِّعرِ ولا الشُّعورِ
الرجلُ الشرقيُّ ـ واغفرْ جُرْأتي ـ
لا يفهمُ المرأةَ إلا داخلَ السريرِ ..

معذرةً يا سيّدي
إذا تطاولْتُ على مملكةِ الرجالِ
فالأدبُ الكبيرُ ـ طبعاً ـ أدبُ الرجالِ
والحبُّ كان دائماً .. من حِصَّةِ الرجالِ ..
والجنسُ كانَ دائماً
مُخَدَّراً يُباعُ للرجالِ
خُرافَةٌ حُريّةُ النساءِ في بلادِنا
فليسَ من حُريّةٍ أخرى سِوى حُريّةُ الرجالِ ..
يا سيّدي !
قُل كلَّ ما تريدُه عنّي .. فلنْ أُبالي
سطحيّةٌ .. غبيّةٌ .. مجنونةٌ.. بلهاءْ..
فلم أعُدْ أُبالي
لأنَّ مَن تكتبُ عن همومِها
في منطقِ الرجالِ ، تُدعى امرأةً حمقاءْ
ألمْ أقُلْ في أوَّلِ الخطاب ..
إنّي امرأةٌ حمقاءْ ..

ايمن عمارة