الاثنين، ٢٠ سبتمبر ٢٠١٠

مقال باسمة العنزي / جريدة الراي

لغة الأشياء / كوب من الشاي الفاتر

| باسمة العنزي |

«لا سقف للبرد لا احتمالات للمطر»*
يقولون ان الزمن لا ينتظر أحدا! وأنا غالبا ما ألمحه يركض ضاحكا في مضماره الدائري، تاركا مسافة شاسعة كحقيقة بينه وبين أول اللاهثين وراءه... ينطلق واثقا ليعود في النهاية لخط البداية بشكل متكرر مع تعاقب الفصول. نافيا عن نفسه صفة السرعة لأنه غالبا ما يجدنا في آخر المضمار نتلفت بحثا عن آثاره الخادعة.الغريب، أن الجميع يلهث تاركين كراسي المتفرجين لكائنات لامرئية لا يعنيها مجال الزمن. فعلا هو لا ينتظر ولا يجب أن يُنتظر.
مر الصيف ورمضان وموسم العيد، وسيبدأ إيقاع الحياة بالانتظام مع عودة قوافل المسافرين، وفتح أبواب المدارس واكتظاظ شرايين المدينة بالسيارات والحكايات والمناسبات الجديدة.
«يتقمص لحنا
في أول بهجته
ثم يذوب
العابر»*
الخريف الرائع، الضيف السريع على الأبواب، وطيور السمان المهاجرة بدأ موسم رحلتها من الشمال إلى الجنوب عابرة فضاءنا. كل شيء تحرك في المواسم العابرة سيعود للركود قبل أن يهتز ثباته مجددا.
البخار يتصاعد من كوب الشاي الأخضر، السيدة المزهوة بالألوان والرافضة الإفصاح عن عمرها الحقيقي، جالسة قبالتي بوجه رائق بلا ماكياج ولا اضافات جانبية، وهو ما لم أعتده عليها! بدت أجمل وأبسط لولا آثار التاتو الذي لم يختف رغم محاولتها الظهور طبيعية.
كانت حزينة وهي تحرك يدها في الهواء، شارحة لي تفاصيل تفاصيل اكتئابها الطارئ وهي المزهوة بمباهج الحياة والرافضة مغادرة عقدها الثالث. كانت تتحدث وعيني على يدها، أظافرها كانت هشة وصفراء، من الواضح أنها آثار سقوط أظافرها الصناعية المطلية والملصوقة بعناية فيما قبل.
قالت لي من ضمن ما قالت ان العالم بالخارج لا ينتظر أحدا! لم أفهم كيف لي ان كنت بالداخل أنسج خيوط زمني أن يطوفني مهرجان الحياة بالخارج... خارج صندوق الهدوء المحكم الإغلاق.
في اللحظة التي اتجهت فيها السيدة للباب انسحبت سخونة كوب الشاي الأخضر، تاركة السائل الفاتر بلا نكهة!
« كما للعمر انكسارات الوردة
لي فوضى طفل يغامر
في بهو لعبة بحجم الخيال»*

* المقاطع الشعرية من ديوان «روح شاغرة تكفي لفراشة» لأحمد المنشاوي 2010.

ليست هناك تعليقات: