الثلاثاء، ١٤ سبتمبر ٢٠١٠

مقال الكاتب الصحفي هادي سلام لجريدة الراي عن كتاب روح شاغرة

أحمد المنشاوي يحلّق في فضاء دستوره ... القمر


عرف العرب الشعر على انه الفن الابداعي المتفرد ونظروا إليه نظرة اعجاب ودهشة وتقدير. لذلك سيظل الشعر يحوز اهتماماتنا الثقافية والانسانية وامينا لنقل الصور الحقيقية والجمالية لما يقدمه في الماضي والحاضر... والمستقبل ومنذ ان ظهر الادب العربي منتصف القرن الخامس الميلادي بشتى فروعه وحتى الآن، ولم يتوقف نهر العطاء... واذا كان الشعر في طليعة الفنون والادب التي تلقى اهتماما كبيرا ضمن اهتمامات مجالات الثقافة الانسانية نظرا لما يتبوأه من مكانة كبيرة في ثقافتنا العربية منذ اقدم العصور... ومن هنا يمكننا القول ان نهر العطاء المتجدد لم يتوقف عن جريانه، وآخر معطياته ديوان «روح شاغرة تكفي لفراشة» للشاعر احمد المنشاوي والذي صدر عن «الدار للنشر والتوزيع» القاهرة - 2010.
هذا العنوان لهذا الديوان الذي يضم 120 صفحة ويحتوي على عشرين قصيدة وان كنت اعتبر اهداء الشاعر احمد المنشاوي لشخصي الضعيف... هي قصيدة جميلة لم يعرفها القارئ حتى هذه اللحظة لانه خصني بها.
بدأ الشاعر باهداء ديوانه إلى الفنان المرحوم عبدالحليم شبانة الذي اشتهر بـ «عبدالحليم حافظ» او «حليم» كما كتب عنه المؤلف هذا الاهداء قائلا: «الى زمني المكتوب على صوت حليم» العبارة قصيرة ووجيزة لكنها تحمل معاني ذات دلالات خاصة لجيل كامل وانا واحد منه تحمل الجميع لفنان شكل بصوته واغانيه وجدان شعب بأكمله... وننتقل من الاهداء إلى القصائد التي اخذت عناوين مختلفة وعوالم مختلفة تجمع بين الخيال والجمال والمتعة بعيدا عن الاستعراضات اللغوية والعفوية المبالغ فيها وبلغة سهلة جميلة ميسرة اقرب إلى اسلوب «السهل الممتنع»، ولنتنقل بين قصائد المنشاوي كما تتنقل الفراشات في حقل ممتلئ بالزهور والياسمين والرياحين ففي لحظات قليلة ينقلك الشاعر من العالم الخاص بك إلى عالمه الخاص به دون ازعاج او فوضى منظمة ينقلك من عالم الضجيج إلى عالم الهدوء والسكينة... وكيف لا؟! وقد استمد الشاعر المنشاوي تجربته من عدة روافد اساسية اولها ثقافته المتجددة وتجربته الشخصية والذاتية المتفردة والمتميزة في مجال الكتابات الادبية... فقد كان ولا يزال مسؤولا عن الصفحات الادبية لكثير من الصحف والمجالات، كما كان مسؤولا عن هموم جيل بأكمله.
اعود مرة اخرى إلى «روح شاغرة تكفي لفراشة» حيث استمد الشاعر روح قصائده من تجربته الذاتية وبما احاط به من اصدقاء وبما صنعت به البيئة التي عاشها بحلوها ومرها ويمارسه لنا من صور وخيالات قد تكون احيانا صورا حية من الواقع وكأنك تنقلها على الهواء مباشرة وصورا اخرى قديمة نقلها لنا عن طريق الابيض والاسود فتارة ينقلك مع بساط الريح وتارة اخرى يركب معك بجوار الشباك «وابور الصعيد الجواني»، لتغني معه يا وابور قلي رايح على فين؟! هكذا كان احمد المنشاوي في معظم قصائده... او على الاقل هكذا انا بفهمي المتواضع.
لقد استخدم المنشاوي كافة ادواته الشعرية وامكاناته في معظم قصائده، وكأنه يريد ان يحس القارئ به وان يحس ان لديه مخزونا كبيرا من الحكايات والآهات والآلام... وقصصا ربما حدثت له، او ربما حدثت لنا جميعا... كما نرى في رسم سيناريو اغنية عبدالحليم حافظ... «فاتت جنبنا ... انا وهوه ... وضحكت لنا انا وهوه».
هكذا ينقلك احمد من عالمه الشعري إلى عالم الفضائيات والغنائيات التي ارتسمت في وجداننا جميعا لتبقى صورا حية لا يمحوها الزمن ... قصص حقيقية او خيالية، وفي قصيدة اخرى ينقلك من البث المباشر إلى بث السحر من العيون فيقول نظرة تهرب ملامح تكاد تختفي انا والبرد خارج عينك... وحدك سيدة الحضور - كلما اغمض روحي هذا بالاضافة إلى ابيات انفرد بها الشاعر تحتاج إلى جهد من الشرح والتفصيل يقول المنشاوي:
ما الذي يبقى للشعر سوى بلاد دستورها القمر
ولغتها الرسمية رسائل الغرام... ما الذي
يبقى للشعر غير اشتهاء الكلام
هذا بالنسبة للشعر ... اما بالنسبة للشاعر احمد المنشاوي والذي تشرفت بمعرفته في اخريات القرن الماضي فهو من مواليد 13 سبتمبر... اي من مواليد برج العذراء وهو البرج الذي انتمي اليه غير برج القاهرة بالاضافة إلى ابراج الكويت.
اعود للشاعر... احمد المنشاوي مثقف كبير وقارئ جاد لكافة الاعمال الادبية، ومتابع دقيق لكل الاحداث بالاضافة إلى انه يمتلك موهبة حقيقية وحسْا مرهفا، وهو دائما منحاز للاجمل والافضل مؤمنا بحرية الرأي واحترام الرأي الآخر وحرية التعبير والتغيير، كما انه يتمتع بوفاء نادر، ناهيك عن دماثة خلقه وحيائه المفرط.
تحية حب واحترام وتقدير لديوان يحمل في طياته هموم الشعر وهموم البسطاء صاغ كلمات ديوانه برقة الاحساس وجمال الصورة وحرفية الكلمة والفكرة والرؤية، فخرّج لنا عملا جميلا يحمل غلافا اجمل للدكتور خالد سرور يصور لنا الغلاف سيدة جميلة في منتصف العمر، تقرأ كتابا على ضوء خافت في منتصف الليل ليحملنا هذا الضوء إلى عالم السحر والخيال والجمال لروح شاغرة تكفي لفراشة.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

اتمنى لك مزيد من النجاح ومزيد من الابداع والتألق فى سماء الشعراء
وعيد ميلاد سعيد وعقبال 100 سنة




.........