السبت، ٢٠ مارس ٢٠١٠

نهدين مغرورين

.. عندي المزيد من الغرور
.. فلا تبعيني غرورا
إن كنت أرضى أن أحبك
.. فاشكري المولى كثيرا
.. من حسن حظك
.. أن غدوت حبيبتي
.. زمنا قصيرا
.. فأنا نفخت النار فيك
.. وكنت قبلي زمهريرا
.. وأنا الذي
أنقذت نهدك من تسكعه
.. لأجعله أميرا
.. وأدرته .. لولا يداي
أكان نهدك مستديرا ؟
.. وأنا الذي
.. حرضت حلمتك الجبانه كي تثورا
.. وانا الذي
.. في أرضك العذراء .. ألقيت البذورا
.. فتفجرت .. ذهبا
.. وأطفالا .. وياقوتا مثيرا
.. من حسن حظك
.. أن تحبيني .. ولو كذبا .. وزورا
.. فأنا بأشعاري
.. فتحت أمامك الباب الكبيرا
وانا دللت على أنوثتك
.. المراكب .. والطيورا
.. وجعلت منك مليكة
.. ومنحتك
.. التاج المرصع .. والسريرا
.. حسبي غرورا أنني
.. علمت نهديك الغرورا
.. فلتشكري المولى كثيرا
.. أني عشقتك .. ذات يوم
.. أشكري المولى كثيرا

( من جنونيات نزار قباني )

القصيدة المتوحشة


أحبيني .. بلا عقد
وضيعي في خطوط يدي
.. أحبيني .. لأسبوع .. لأيام.. لساعات
.. فلست أنا الذي يهتم بالأبد
، أنا تشرين .. شهر الريح
والأمطار .. والبرد
.. أنا تشرين .. فانسحقي
.. كصاعقة على جسدي
.. أحبيني
.. بكل توحش التتر
بكل حرارة الأدغال
كل شراسة المطر
.. ولا تبقي ولا تذري
.. ولا تتحضري أبدا
فقد سقطت على شفتيك
كل حضارة الحضر
.. أحبيني
. كزلزال .. كموت غير منتظر
.. وخلي نهدك المعجون
.. بالكبريت والشرر
يهاجمني .. كذئب جائع خطر
.. وينهشني.. ويضربني
.. كما الأمطار تضرب ساحل الجزر
أنا رجل بلا قدر
فكوني .. أنت لي قدري
.. وأبقيني .. على نهديك
.. مثل النقش في الحجر

.. أحبيني .. ولا تتساءلي كيفا
ولا تتلعثمي خجلا
ولا تتساقطي خوفا
أجيبيني .. بلا شكوى
أيشكو الغمد .. إذ يستقبل السيف
.. وكوني البحر والميناء
كوني الأرض والمنفى
وكوني الصحو والإعصار
.. كوني اللين والعنفا
أحبيني .. بألف وألف أسلوب
.. ولا تتكرري كالصيف
..إني أكره الصيفا

أحبيني .. وقوليها
لارفض أن تحبيني بلا صوت
وأرفض أن أواري الحب
في قبر من الصمت
أحبيني .. بعيدا عن بلاد القهر والكبت
.. بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت
.. بعيدا عن تعصبها
ز. بعيدا عن تخشبها
احبيني .. بعيدا عن مدينتنا
التي من يوم أن كانت
.. إليها الحب لا يأتي
.. أليها الله .. لا يأتي

أحبيني .. ولا تخشي على قدميك
سيدتي - من الماء-
فلن تتعمدي امرأة
وجسمك خارج الماء
وشعرك خارج الماء
.. فنهدك .. بطة بيضاء
.. لا تحيا بلا ماء
أحبيني .. بطهري .. أو أخطائي
بصحوي .. أو بأنوائي
.. وغطيني
.. أيا سقفا من الأزهار
.. يا غابات حناء
.. تعري
واسقطي مطرا
.. على عطشي وصحرائي
وذوبي في فمي كالشمع
وانعجني بأجزائي
تعري .. واشطري شفتي
..إلى نصفين .. يا موسى بسينا

( من توحش نزار قباني )

الأحد، ١٤ مارس ٢٠١٠

الرسم بالكلمات



لا تطلبي مني حساب حياتي
ان الحديث يطول يا مولاتي!

كل العصور انا بها ... فكأنما
عمري ملايين من السنوات ...

تعبت من السفر الطويل حقائبي
وتعبت من خيلي ومن غزواتي ...

لم يبق نهد ... اسود او ابيض
الا زرعت بارضه راياتي ...

لم تبق زاوية بجسم جميله
الا ومرت فوقها عرباتي...

فصلت من جلد النساء عباءة
وبنيت اهراما من الحلمات ...

وكتبت شعرا .. لا يشايه سحره
الا كلام الله في التوراة...

...واليوم اجلس فوق سطح سفيني
كاللص .. ابحث عن طريق نجاه

وادير مفتاح الحريم ... فلا ارى
في الظل غير جماجم الاموات

اين السبايا ؟ .. اين ما ملكت يدي؟
اين البخور يضوع من حجراتي؟

اليوم تنتقم النهود لنفسها ..
وترد لي الطعنات بالطعنات ..

ماساة هارون الرشيد مريرة
لو تدركين مرارة الماساة

اني كمصباح الطريق .. صديقي
ابكي .. ولا احد يرى دمعاتي ..

الجنس كان مسكنا جربته
لم ينه احزاني ولاازماتي

والحب .. اصبح كله متشابها
كتشابه الاوراق في الغابات ..

انا عاجز عن عشق ايه نملة
او غيمة .. عن عشق اي حصاة

مارست الف عباده وعباده
فوجدت افضلها عبادة ذاتي

فمك المطيب .. لا يحل قضيتي
فقضيتي في دفتري وداواتي ..

كل الدروب امامنا مسدودة
وخلاصنا .. في الرسم بالكلمات


نزار قباني